الأرق، صعوبة الاستغراق في النوم في بداية الليل، أو تقطع النوم، أو رداءة
جودته، من الأعراض المنتشرة بشكل كبير، حيث يعاني منه الملايين حول
العالم، وتصل نسبة الإصابة به
بين 10 و19 في المائة من سكان العالم، نتيجة المعاناة من مشكلات عضوية، وسلوكية ونفسية كثيرة.
* الأرق المزمن
* حول هذا الموضوع، التقت «صحتك» بالدكتور أيمن بدر كريم،
استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم بمدينة الملك عبد العزيز الطبية
بجدة، فأفاد بأن «الأرق السلوكي المزمن» (Chronic Psychophysiological
Insomnia) هو نوع من أرق النوم يرتبط بزيادة التوتر وفرط التفكير، نتيجة
أزمة نفسية، أو مشكلة عائلية أو اجتماعية طارئة، قد تسبب أرقا حادا ورداءة
في النوم لعدة أيام، إلا أنه سرعان ما يسيطر على الإنسان الخوف من عدم
القدرة على النوم السليم، ويغلب عليه التفكير المؤرق في احتمال شعوره
بالتعب والخمول أثناء النهار، على الرغم من انتهاء آثار المشكلة المؤقتة
على حالته النفسية، وهذا سبب تسمية هذا النوع من الأرق بالمزمن «المكتسب».
ومن أجل التحفيز على النوم، يعتاد الإنسان على بعض
السلوكيات الخاطئة كإجهاد الفكر في محاولة النوم، ومتابعة عقارب الساعة،
والتدخين، وتناول المنبهات، مما يزيد من صعوبة الاسترخاء ويرفع درجة
التوتر ويفاقم الأرق، فيحبس الشخص نفسه في حلقة مفرغة من الأرق والتوتر
المزمنين. ويؤدي تكرار هذه التجربة الليلية إلى الحرمان المزمن من النوم،
والشعور بالخمول والنعاس وقلة التركيز أثناء النهار، وسوء المزاج، وحتى
الاكتئاب في بعض الأحيان، مما ينعكس سلبا على التحصيل الأكاديمي والمهني
وعلاقة الشخص بأفراد عائلته.
ويضيف الدكتور أيمن كريم أن هذا النوع من الأرق يصيب 1 إلى
2 في المائة من الأفراد في المجتمع - أغلبهم من النساء متوسطات الأعمار -
وهو يمثل نسبة 10 إلى 15 في المائة من الحالات التي تعالج في مراكز
اضطرابات النوم.
ويعمل استشاري اضطرابات النوم في هذه الحالات على التأكد من
عدم وجود بعض الأمراض العضوية، كأمراض الروماتيزم أو أحد اضطرابات النوم،
كمتلازمة الساقين غير المستقرة، وانقطاع التنفس أثناء النوم، وغيرهما من
الأمراض النفسية كالاكتئاب، وقد يضطر المريض إلى البيات في مختبر خاص لفحص
طبيعة النوم، للتأكد من خلوه من اضطرابات نوم أخرى.
أما بالنسبة للعلاج، فيشير إلى أنه يحتاج إلى وقت طويل
ومتابعة مستمرة، حيث يتم التركيز على المعالجة السلوكية بشكل أساسي، ويمكن
في بعض الحالات اللجوء إلى الأدوية المنومة قصيرة الأمد ولمدة لا تتجاوز
عشرة أيام، أو مضادات الاكتئاب عند الحاجة، وذلك بمشورة الطبيب المختص.
* دراسة سعودية
* وفي دراسة حديثة، طبقت على عينة من الأفراد في المجتمع
السعودي، أظهرت نتائجها أملا جديدا في وسائل علاج الأرق المزمن، عن طريق
الانخراط في برنامج علاجي يعتمد على تمارين الآيروبيك الرياضية (Aerobic
Exercise)، ففي خضم المعاناة من الأرق المزمن، يعتمد كثير من المصابين على
العلاج الدوائي، ويهملون العلاجات السلوكية التي أثبتت فعاليتها في تحسن
أعراض الأرق المزمن. وبمرور الوقت، يتعود المريض على تناول الأدوية (خاصة
تلك التي لا تحتاج لوصفة طبيب، مثل مضادات الهستامين) والحبوب المنومة أو
المهدئة، التي قد يفقد كثير منها أثرها المطلوب، فيضطر المريض إلى زيادة
الجرعة، أو تغيير الدواء، مما قد يؤخر العلاج السلوكي المعرفي المناسب
لحالته، ويفاقم أعراض المشكلة، ويؤدي إلى الاعتماد الخاطئ على الأدوية
المنومة.