قال الكاتب كورت فولكر إنه على حلف شمال الأطلسي استيعاب خمسة دروس من أفغانستان
وليبيا.
وأوضح في مقال بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور أن الولايات المتحدة بدأت تنسحب من
أفغانستان وحلفاؤها يقتفون خطاها، وبعد سنوات وبسبب الفساد الذي ينخر الحكومة
الأفغانية، فمن المحتمل جدا أن تتلاءم مع إسلاميي البشتون، الذين تمثلهم طالبان، في
الجنوب والشرق، وستعترف بواقع تحالف الشمال، أما غرب البلاد فسيبقى تحت نفوذ إيران.
ولتفادي نهاية كارثية قال الكاتب إن أفضل سيناريو هو عدم سقوط الحكومة المركزية بعد
انسحاب التحالف الدولي.
ثم ينتقل فولكر إلى ما يصفه بالسخرية المرة، وهي أن حلف شمال الأطلسي الذي لم يؤد سوى
دور صغير في أفغانستان وينسحب منها بدون انتصار واضح، يقود العملية كاملة في ليبيا.
وقال الكاتب إن الأميركيين يلومون الأوروبيين على أن مشاركتهم في أفغانستان كانت محدودة،
كما أن العملية في ليبيا أثبتت أنه على الأميركيين عدم تقديم قدرات عسكرية لا تمولها
أوروبا. أما الأوروبيون فسيستنتجون أنهم أخطؤوا عندما تبعوا أميركا إلى أفغانستان،
وأن العملية الطويلة في ليبيا أثبتت أن العملية الاستطلاعية فكرة سيئة، وأنه على
أوروبا أن تمارس دفاعا ذاتيا حقيقيا وألا تبتعد كثيرا.
وأوضح أن الدرس الأول هو أن مصطلح الناتو بالنسبة للأميركيين صار يعني "الآخر" فأميركا
تعتبر الناتو هو أوروبا عندما يقول رئيس أميركي "تسليم المهام للناتو" ويعني بذلك
أوروبا، والأمر نفسه للأوروبيين الذي يرون في الناتو مرادفا لأميركا التي تولت قيادته
منذ زمن طويل.
أما الدرس الثاني فيقول فولكر إنه كشف هشاشة القوة العسكرية الأوروبية التي اتضح
أنها لا تستطيع عمل شيء في ليبيا بدون الولايات المتحدة، وإذا واصلت أوروبا هذا النهج
فلن يكون أي تحالف يمكن الحديث عنه مستقبلا.
وفيما يتعلق بالدرس الثالث قال الكاتب إنها القيادة، وأوضح أن أميركا لا يمكن أن
تتنازل عن قيادة الأطلسي من دون أن يعني هذا أنها تتصرف بشكل أحادي، لكن واشنطن
أصيبت بإحباط وهي ترى عجز الأوروبيين على تحمل العبء في المهمة الليبية، وشدد فولكر
على أن أميركا يجب أن تكون في مستوى القيادة، لأن التخلي عن هذا الدور في ليبيا جعلها
تصور حلف الأطلسي وكأنه نمر من ورق وهذا لا يخدم مصلحة أي طرف.
وانتقل الكاتب إلى الدرس الرابع فقال إنه يتعلق بضرورة التضامن بين ضفتي المحيط
الأطلسي، فأوروبا تضعضعت بفعل أزمة الديون، كما أن التعاون في أفغانستان لم يكن في
المستوى، وفي ليبيا كان أسوأ.
وختم مقاله بالحديث عن الدرس الخامس وهو ضرورة تأمين دعم الرأي العام للناتو، وقال
إن الحلف وافق بقمة لشبونة عام 2010 على إستراتيجية طموحة جديدة قال إنها ستفعل كل
شيء تقريبا. ولكن بدلا من تنفيذ هذه الرؤية، خفض الحلفاء ميزانيات الدفاع وسحبوا
القوات، وخفضوا التكاليف في مقر الناتو.
وتساءل فولكر عن وضع الحلف بعد هذه التغييرات مع اقتراب قمة عام 2012 بشيكاغو، داعيا
إلى ضرورة الاستفادة من جميع موارد حلف الناتو لتلبية الاحتياجات الأمنية للقرن الواحد
والعشرين.