السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أهل الجنة , من ملأ الله تعالى أذنيه من ثناء الناس خيرا وهو يسمع , وأهل النار , من ملأ الله تعالى أذنيه من ثناء الناس شرا وهو يسمع ) رواه ابن ماجة في سننه.
المؤمن له البشرى في هذه الحياة الدنيا , وله البشرى عند مفارقة الدنيا , وله البشرى في الآخرة , قال جل جلاله :( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) يونس 62-64 , فأما البشرى في الدنيا أن يعمل المسلم العمل لله عز وجل فيورثه ذلك ثناء الخلق ، فيفرح بهذا الثناء فإن ذلك لا يُنقص أجره ولا يضرّه ؛ لأنه إنما عمل العمل لله عز وجل تأكيداً للحديث إنما الأعمال بالنيات.
وقد ورد في فيض القدير للمناوي بشرح الحديث:(فإن قلت : ما فائدة قوله ( وهو يسمع ) بعد قوله ( ملأ اللّه أذنيه ) ؟ قلت : قد يقال فائدته الإيمان إلى أن ما اتصف به من الخير والشر بلغ من الاشتهار مبلغاً عظيماً بحيث صار لا يتوجه إلى محل ويجلس بمكان إلا ويسمع الناس يصفونه بذلك , فلم تمتلئ أذنيه من سماعه ذلك بالواسطة والإبلاغ بل بالسماع المستفيض المتواتر).
وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال "تلك عاجل بشرى المؤمن"رواه مسلم.
فقوله صلى الله عليه وسلم ( عاجل بشرى المؤمن ) لأنه لم يعمل العمل ابتداء ولا انتهاء من أجل أن يراه الناس ، لكنه لما عمل العمل أطلعَ الله عليه الناس فحمدوه عليه بخلاف من يعمل العمل ليُحمد عليه ، أو من يُحب أن يُحمد بما لم يعمل ! فهذا قد توعده الله جل وعلا بأليم العذاب , قال تعالى:( لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) آل عمران 188.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله متى أكون محسناً ومتى أكون مسيئاً فقال صلى الله عليه وسلم: ( إذا أثنى عليك جيرانك أنك محسن فأنت محسن ، وإذا أثنى عليك جيرانك أنك مسيء فأنت مسيء ) رواه ابن عساكر في تاريخه صحيح الجامع.
(أي إذا ذكرك صلحاء جيرانك بخير فأنت من أهله وإذا ذكروك بسوء فأنت من أهله , فإنهم شهداء الله في الأرض وإطلاق ألسنة الخلق التي هي أقلام الحق بشيء في العاجل عنوان ما يصير إليه في الآجل والثناء بالخير دليل على محبة الله تعالى لعبده حيث حببه لخلقه فأطلق الألسنة بالثناء عليه وعكسه عكسه) فيض القدير للمناوي.
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم فقال : كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت ؟
قال : إذا سمعتَ جيرانك يقولون أن قد أحسنت ، فقد أحسنت ، وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت ، فقد أسأت. رواه أحمد وابن ماجة عن ابن مسعود.
وقال صلى الله عليه وسلم ( يوشك أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار ، قالوا : بم يا رسول الله ؟ قال : بالثناء الحسن والثناء السيئ أنتم شهداء بعضكم على بعض ) إسناده حسن غريب / ابن حجر في الإصابة.
وعن أنس رضي الله عنه قال : مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( وجبت ) ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال ( وجبت ) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما وجبت؟ قال : ( هذا أثنيتم عليه خيرا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض) رواه البخاري.
وجماع الأمر لزوم العبد للتقوى والعمل الصالح حتى يفوز بمحبة رب العالمين , قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا .سورة مريم الأية96
قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا أحب الله العبد نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض )رواه البخاري.
أي يحدث له في القلوب مودة ويزرع له فيها مهابة فتحبه القلوب وترضى عنه النفوس من غير تودد منه ولا تعرض للأسباب التي تكتسب لها مودات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع وإنما هو اختراع منه ابتداء اختصاصاً منه لأوليائه بكرامة خاصة كما يقذف في قلوب أعدائه الرعب والهيبة إعظاماً لهم وإجلالاً لمكانهم , وفائدة ذلك أن يستغفر له أهل السماء والأرض وينشأ عندهم هيبة وإعزازهم له
{ وللّه العزة ولرسوله وللمؤمنين } المنافقون 8
فالمؤمن له هيبة ، ومَن هاب اللهَ هابه كلُّ شيء.
اللهم حبب خير خلقك فينا وإلى طاعتك أهدنا.